لبيب السباعي يكتب : التعليم ضار جدا بالصحة‏!‏

ويلطمون ويبكون بالدموع الساخنة والساخطة علي عذاب ومرارة عام دراسي كامل ضاع وضاع معه سهر الليالي وفلوس الدروس الخصوصية والبهدلة في المدارس‏..‏ طبعا الوزارة لديها كل الأسباب والمبررات التي تكفي لتكذيب عشرات الآلاف من الطلاب وأهاليهم وأنهم يلقون بالتهم الكاذبة علي الوزارة التقية النقية البريئة من ذنب الناس الذين لا يعرفون مصلحتهم كما تعرفها الوزارة بأجهزتها السرية ولجانها التي تؤكد دائما أن الامتحان جميل ولطيف وسهل ولذيذ ولكن أولياء الأمور الله لا يسامحهم‏-‏ من أجل تشويه صورة الوزارة الوردية‏-‏ يقومون بتمثيل دور الضحايا فيصرخون ويبكون علي أبواب لجان الامتحان السهل ويزعمون أن الأسئلة من خارج المنهج وهم كاذبون لأن عينة الوزارة تؤكد أن الامتحان زي الفل وأن نسبة النجاح مفيش أحسن من كده‏!!‏
صحيح أننا تعودنا كل عام منذ ظهور الثانوية العامة في مصر علي مشهد الرعب والفزع ولكنه كان يقتصر في كل سنة علي مادة واحدة كالفيزياء أو الرياضيات ولكن إنجاز الوزارة هذا العام تجاوز السنوات الماضية كلها فأصبح المشهد المرعب وصرخات وبكاء الآباء والأمهات والأبناء مشهدا يوميا مع كل المواد وكأننا أمام عملية منظمة لترويع الأسرة المصرية دون مبرر اللهم إلا إذا كان الهدف هو إقناع الأسرة المصرية أن التعليم كالتدخين يدمر الصحة‏.‏
علي أي حال أظن أن الأسبوع الأول لامتحان الثانوية العامة هذا العام هو الأسوأ علي الإطلاق في تاريخ امتحانات الثانوية العامة‏..‏ فقد سيطرت عليه مشاهد الرعب والفزع يوميا‏..‏ والتي تجسنت بالصدفة البحتة بعد اجتماع لجنة التعليم بمجلس الشعب مع الوزير البدر‏,‏ ومع ذلك فإن الصورة تدعو للقلق مما هو قادم خصوصا في عمليات التصحيح التي لا يمر عام دون وقوع أخطاء في نتائجها‏..‏ فالصورة الحالية لأسئلة الامتحانات وما بها من أخطاء أو صعوبات تبدو مقصودة ومتعمدة وتدعو للتساؤل عن كيفية حدوثها؟‏..‏ وسير الحوادث يطرح بشدة ظروف الأزمة بل والأزمات التي تعيشها الوزارة مع تولي الدكتور أحمد زكي بدر للوزارة حيث أشهر سيفه منذ أول دقيقة فأطاح بالعديد من القيادات داخل الوزارة وخارجها ـ دون وجود بدائل ـ ثم خرج من ديوان الوزارة شاهرا سيفه علي المدارس والمدرسين تحت شعار إعادة الانضباط إلي التعليم وفي وسط معارك الدكتور بدر لم ينتبه إلي أنه في موقع القائد الذي ينقلب عليه جنوده‏!!‏ فكانت النتيجة أن وجد الوزير نفسه ولأول مرة في تاريخ الوزارة رئيسا لامتحان الثانوية العامة لسبب بسيط وهو أنه ـ خلاص مفيش حد في الوزارة ـ وأعلن الوزير أنه سوف يستخدم الطائرات في نقل أوراق أسئلة الامتحانات حتي لا تتسرب وأجري امتحانا تجريبيا للثانوية العامة كبروفة للامتحان الرسمي وكانت النتائج مبهرة ومطمئنة‏..‏ ولم ينتبه الوزير إلي أن الجنود الذين يعتمد عليهم في معركة التعليم قد انقلبوا عليه بعد أن جعل منهم عبرة بالغزوات المفاجئة والبهدلة عبر شاشات الفضائيات وكانت النتيجة هي الصورة التي نحن أمامها الآن‏..‏ صورة الوزير بدر شاهرا سيفه البتار هذه المرة أمام أولياء الأمور والتلاميذ‏!!‏ فمن الصعب تصور أن تكون مشاهد هذا العام من الصراخ والبكاء في جميع المواد مجرد صدفة لم يخطط لها أحد‏.‏
وللأسف أكرر فأقول إن القادم قد يكون أسوأ‏..‏ فإذا كان هناك من اتخذ من أسئلة الامتحانات وسيلة لنقل معارك الوزير بدر من ساحة المدارس وديوان الوزارة إلي الشارع والبيت المصري فإن التصحيح قد يشهد أخطاء لا يمكن تداركها من أجل وضع الوزير في معركة مع الناس‏..‏ وإذا كان الوزير بدر مازال يخوض معارك ما يراه انضباطا للمعلم والمدرسة حتي ولو أدي الأمر إلي إحالة الآلاف منهم إلي التحقيق لامتناعهم عن المشاركة في أعمال الامتحانات فإن المعركة القادمة سوف تكون داخل قاعات تصحيح إجابات الطلاب ـ‏.‏ وساعتها سوف يدفع الطلاب فاتورة صدام الوزير مع المعلمين‏.‏
ويبدو ـ والله أعلم ـ أن الوزير الدكتور بدر حريص علي أن يظل طوال الوقت شاهرا سيفه باحثا عن أي معركة‏..‏ ولو لم تكن هناك معركة لاخترعها‏..‏ ولعل معركته الحالية ـ وليست الأخيرة ـ مع الزملاء الصحفيين تؤكد ذلك‏..‏ فالوزير قرر أن يقاطع الصحافة المطبوعة ويكتفي بالفضائيات مغردا لها عبر مداخلات هاتفية مع كل مناسبة أو ضيفا لطيفا خفيفا عبر عشرات البرامج‏..‏ واستمر الوزير شاهرا سيف المقاطعة للزملاء الصحفيين الذين لجأوا لنقيبهم المحترم الأستاذ مكرم محمد أحمد يطلبون تدخله من أجل تعريف الوزير بأن هناك شيئا اسمه حرية المعلومات وتلك ليست منحة من سيادته يمنعها عمن لا يرضي عنه من وسائل الإعلام‏..‏ وإذا كان الوزير في غني عن الصحافة وهو سعيد بمقاطعتها فإن الرد الوحيد المناسب هو أن تبادر الصحف من جانبها هي الأخري بمقاطعة الوزير وعلي الفضائيات أن تتضامن مع الصحفيين‏..‏ ولا يجوز أن تقبل رضا الوزير عنها يوما فقد ينالها غضبه ومقاطعته يوما آخر‏.‏
ومرة أخري أقولها ـ وقد قلتها من قبل في هذا المكان للوزير الدكتور بدر‏:‏ واحدة واحدة بتجري ليه؟‏!‏

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]