ما جري لقافلة أسطول الحرية في إطار المياه الدولية يعد جريمة حرب دولية كاملة الأركان, وثمة ثوابت عديدة تؤكد هذا, في مقدمتها ألف ـ باء ـ أحكام القانون الدولي العام.
التي تؤكد بالنص الصريح أن الحادث قرصنة بحرية, أو جريمة حرب في المقام الأول, وفقا لاتفاقيات جنيف لعام1949, التي تشير صراحة إلي أن قصف المنشآت المدنية يعد جريمة حرب في حالات الحروب الساخنة, وقافلة أسطول الحرية تعد منشآت مدنية تستهدف عملا إنسانيا في المقام الأول, ومن ثم فإن استخدام السلاح والعنف ضدها يعد جريمة حرب من طرف إسرائيل, وتتضاعف مسئولية إسرائيل الجنائية نظرا لوقوع الحادث في نطاق المياه الدولية, وعلي بعد أكثر من80 ميلا من السواحل الإسرائيلية, ويعني هذا أن إسرائيل قد ارتكبت عملية قرصنة وفقا للمعاهدات الدولية المعنية بقانون البحار.
ومن الأهمية بمكان أن يحظي هذا الحادث باهتمامات المدرسة القانونية العربية, وهي مدرسة عريقة لها مكانتها في المحافل الدولية, ولدينا فقهاء عرب علي دراية دولية بأصول ثلاثية منظومة القانون الدولي العام, والقانون الإنساني الدولي, وقانون البحار, وتقع علي الفقهاء القانونيين العرب مسئولية إعداد وثيقة تجريم كل مسئول أو مشارك إسرائيلي بهذا الشأن من ناحية, وتجريم إسرائيل كدولة إرهاب, ومن ناحية أخري تحريك قضايا شخصية من قبل كل راكب أصيب أو لحقه ضرر من جراء هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم, أو من قبل أسرة أو أقارب كل راكب لقي حتفه واستشهد إثر هذا الحادث.
وتخطئ إسرائيل كثيرا لو اعتقدت أن ملف الحادث قد تم إغلاقه بصدور البيان الرئاسي لمجلس الأمن( أمس الأول) داعيا إلي إجراء تحقيق عاجل ونزيه وشفاف دون أن يحدد الجهة المنوط بها التحقيق في مذبحة أسطول الحرية وتبدو واضحة هشاشة هذا القرار الدولي الذي تغافل عن خطورة مثل هذا الحادث علي الأمن الدولي بصفة عامة, ولم يترجم نص القرار بأمانة الآراء الحرة التي أطلقتها14 دولة أعضاء في المجلس بإدانة البربرية الإسرائيلية في المياه الدولية, حيث حالت الولايات المتحدة دون تصعيد لهجة القرار أو إقرار إدانة إسرائيل حيث جاءت الإدانة غير مباشرة, اكتفت بإدانة مثل هذه الأفعال التي أدت إلي خسائر في الأرواح.
وجاء رد الفعل العربي قويا حيث حددت المجموعة العربية في الأمم المتحدة أربعة مطالب أساسية هي: الإدانة الكاملة وإجراء تحقيق دولي, وإطلاق سراح المعتقلين فوق سفن أسطول الحرية, ورفع الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة, ووافقت المجموعة العربية علي إمهال الأمم المتحدة مدة30 يوما للانتهاء من التحقيقات المستقلة قبل الدعوة إلي اجتماع آخر لمجلس الأمن للنظر في إجراءات جديدة.
ولا يعني هذا تجميد المتابعة العربية لتطورات الاحداث لمدة30 يوما, فالمطلوب تكثيف التحرك الإعلامي العربي الخارجي علي مستوي المعمورة, والمشكلة أن حادث قافلة أسطول الحرية قد تزامن مع انعقاد اجتماع استثنائي لممثلي وزارات الإعلام العربية المشاركين في الاجتماع الاستثنائي للجنة الدائمة للإعلام العربي بمقر الجامعة العربية, ومن اللافت للنظر أن الاجتماع رفض إنشاء مفوضية للإعلام العربي بدعوي الغموض وعدم الوضوح بشأنها.
ولعل وقوع حادث القافلة يدفع اجتماع اللجنة الدائمة للإعلام العربي( غدا) للتفكير الجدي والتوافق في إنشاء مفوضية الإعلام العربي لتفعيل التحرك الإعلامي العربي في الأسابيع المقبلة, كما يتطلب الأمر تقديم اجتماع وزراء الإعلام العرب المقرر عقده يومي23 و24 يونيو الحالي والدعوة لانعقاده هذه الأيام ليواكب تطورات الأحداث الساخنة في المنطقة.
وفضلا عن هذا وذاك فالأمر يتطلب أيضا رسالة إعلامية عربية موحدة يتم بثها عبر الأجهزة الإعلامية العربية, وفي مقدمتها اتحاد إذاعات الدول العربية, واتحاد الصحفيين العرب, وقطاع الإعلام بالجامعة العربية والأذرع الفنية التابعة لها.
وفي سياق إعادة ترتيب البيت الإعلامي العربي فمن الأهمية بمكان مخاطبة الرأي العام العالمي أولا بأول وإحاطته علما وإعلاما وتثقيفا بأبعاد مذبحة السفينة التركية2010 في إطار مسلسل جرائم إسرائيل منذ قيامها( منها مذبحة دير ياسين1948, مذابح قانا في التسعينيات.. إلخ), وتقديم الوجه الإسرائيلي القبيح إلي الرأي العام العالمي الذي يشهد تحولا غير مسبوق في رؤيته لإسرائيل وهي تقتحم قافلة أسطول الحرية في مشهد درامي للقرصنة البحرية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]